8/5/08

وداعاً سيد الثوار

وداعاً ... سيِّدَ الثوَّارِ
- أحمد سعد دومة*
- انتفض القلب انتفاضة حزن عميق وأسى بالغ حينما سمع بخبر وفاة هذا الثائر العظيم ، واستقبلتُ النبأ بدهشة..واستغراب شديدين ، وحدثت نفسي بأنها عادة بلادنا ...لا تحتفظ بالرائعين فيها كثيراً، ولا تعرف قيمتهم إلا بعد فقدانهم .
إبراهيم شكري ..هذا العملاق الثائر الرائع الذي طالما كانت كلماته ومواقفه نبراساً ومناراً يهدي الأحرار والثوار على مر الدهور والأزمان ، هذه القيمة الرائعة التي قلما يمكن لبلادنا الحصول عليها ، وإن كان فلا تستطيع الحفاظ عليها .
إبراهيم شكري الذي لم يترك من حياته ساعة لم يقتنصها في جهاد ونضال منذ الثلاثينات حيث أصيب برصاصة إنجليزية غادرة لم تنحيه يوماً عن طريق النضال ، ثم الأربعينيات حيث أصبح نائباً في البرلمان المصري والذي تقدم ساعتها بمشروع قانون تحديد الملكية الزراعية ، والذي سجن في وقتها بسبب كلماتٍ له كعادة الأحرار أصحاب القضية . أسس حزب العمل الاشتراكي ، والذي ما لبث إلى أن تحول إلى حزب العمل الإسلامي ، إيماناً منه بالحل الإسلامي وضرورة تطبيقه .
هذا المناضل البطل قاد المظاهرات ، وأشعل الحماسة بكلماته ، وقاد الفكر كذلك بسياساته وكتاباته ومواقف ، فكان رمزاً للنضال الحق ، وصورةً صادقة للمدافع عن الحق ، المتشبث بتلابيب النورِ والحرية .
عندما قال إبراهيم شكري : إننا نرى أن وجودنا في السجون للدفاع عن حرية الشعب، هو أحسن وأفضل من أي نزهة نقضيها على افخر يخت في العالم." لم يكن ساعتها يقول كلاماً فحسب ، إنما كان ينقل واقعاً يقتدي به السائرين في طريق التحرير ، والنضال ، فكثيراً ما وقف أمام هذه العدوى التي كانت ولا زالت منتشرة بين الحكام من التودد والتقرب لأمريكا والكيان الصهيوني الغاصب ، وقف أمام السادات ، وعارضه ، وحضَّ الجماهيرّ على رفض مثل هذه المواقف المخزية التي تجلب للشعوب العار والخزي ، وخاض بكل قوة مع الأحرار في حزب العمل المعركة الضارية ضد السادات لمنعه من مد مياه النيل للكيان الصهيوني ، وكثيراً ما كان هو وجريدة الشعب منبراً لكل مظلومٍ أو صاحب حق مهضومٍ في أنحاء البلاد.
حتى ضاق به النظام المباركي الفاشل فكان تجميد الحزب وتحدي أحكام القضاء ،وإيقاف الجريدة كذلك ظناً منهم أن الحق يمكنه أن يقف عند حد شخصٍ أو جريدة ، أو حزبٍ حتى ... لا يعرفون بأن إبراهيم شكري خلَّف من بعده جيلاً مناضلاً ثائراً يرفع لواء الحق ، ويقف في وجه الظلم ، فإما ينتصر أو يموت .
يا ساده فلتبصروا من اليوم مئات "إبراهيم شكري " في وطننا المكلوم .
فوداعاً...سيد الثوارِ والأحرار .
-------------------------